استقبال الرئيس الموريتاني لوفد من البوليساريو : السياق والخلفيات الغامضة
المهاجر
براهيم بن الكريم
يثير الإستقبال الرسمي الذي خص به الرئيس الموريتاني وفدا من البوليساريو العديد من التساؤلات وردود الأفعال من مختلف الفاعلين السياسيين والديبلوماسيين على الصعيدين الإقليمي والدولي خصوصا وان العالقات بين موريتانيا وملشيات البوليساريو قد عرفت منحى تصاعديا في عهد الرئيس الموريتاني الحالي مقابل فتور واضح في علاقاته مع المغرب وهو ما يستدعي التساؤل حول التوجهات السياسية والديبلوماسية الجديدة لدولة
موريتانيا وتأثير ذلك على ملف قضية وحدتنا الترابية في ظل سياق دولي مضطرب ورهانات جيو سياسية لأطراف دولية لازالت تتحين الفرص لزعزعةاستقرار المنطقة بكاملها.
لقد بات واضحا من خلال إستقبال الرئيس الموريتاني لوفد البوليساريو ان موريتانيا تتجه الى التقارب اكثر مع الجمهورية المزعومة رغم ما تعلنه من حياد ايجابي في قضية الصحراء المغربية، وان ادعاء هذا الحياد المزعوم لايعدو ان يكون لعبا على الحبال ومناورة سياسية يجيدها القادة الموريتانيون خصوصا في ظل تقلبات السياسات الدولية والمحاولات الجارية لإعادة تشكيل ورسم تحالفات إقليمية جديدة في المنطقة، حيث لايخفى على احد اليوم أن القاسم المشترك بين العلاقات الجزائرية المغربية من جهة والعلاقات الموريتانية المغربية من جهة أخرى والتي تحكمها ثوابت جغرافية وتؤطرها تقلبات أنظمة البلدين الجارين للمغرب واللذين يعانيان من عقدة ارث تاريخي حيث ان الجزائر تكن حقدا دفينا للمغرب جراء هزيمتها فيما يعرف بحرب الرمال.
اما موريتانيا فهي تعاني من عقدة الإحساس بالإنتماء الهوياتي للمغرب وتعمل
جاهدة من اجل التخلص من هذا الواقع التاريخي وطمس كونها كانت جزءا من المغرب.
ومن نافلة القول الإشارة الى ان التحركات الأخيرة لجبهة البوليساريو بتخطيط وايعاز من صنيعتها الجزائر قد جاءت في سياق إقليمي تميز بالزيارة التي قام بها المبعوث الأممي للمنطقة ودول الجوار المعنية بهذه الأزمة ولكن كذلك في سياق دولي يشهد حربا طاحنة وشديدة بين روسيا وأوكرانيا و هذا ما دفع العديد من القوى الدولية الى إعادة التفكير في تشكيل تحالفات جديدة لوضع حد لألحادية القطبية التي سادت العالم بعد انهيار المعسكر الشرقي ونهاية الحرب الباردة.
ان الدارس والمتتبع للعالقات المغربية الموريتانية لا يسعه إلا ان يلاحظ التردد الواضح والضبابية في الموقف الموريتاني من قضية وحدتنا الترابية رغم العلاقات الإقتصادية والتجارية المتطورة بني البلدين على اعتبار موريتانيا بوابة عبور السلع المغربية نحو دول الجنوب.
لكن ما يجب الإنتباه والتركيز عليه اليوم اكثر من أي وقت مضى هو تسارع الأحداث والمستجدات على الساحة الدولية والمتمثلة في الإتفاق الغير المسبوق بين السعودية وإيران و الذي خلخل التوازنات بالمنطقة وشكل صدمة قوية لبعض الدول الحليفة للسعودية والذي بمقتضاه تمت إعادة احياء العالقات السعودية الإيرانية بعد سنوات من القطيعة والحرب الديبلوماسية، ولا شك ان هذا التقارب يثير أسئلة شائكة حول تأثيراته المحتملة على الأمن والإستقرار في المنطقة المغاربية خصوصا اذا علمنا ان ايران لازالت تحتفظ بعقيدة تصدير
الثورة الإسلامية الى جميع البلدان العربية.اضافة الى العلاقات المتوثرة مع المغرب والذي قطع علاقاته الدبلوماسية معها كرد فعل على تد خلها في قضيتنا المركزية .
وما يثير الخوف أكثر هو التطور الحاصل في العلاقات الإيرانية الجزائرية حيث أضحت تضمن وتؤمن لها تواجدا بالمنطقة تستغله طهران لتوسيع نفوذها ونشر المد الشيعي مقابل تسليح جبهة البوليساريو والعصابات الإرهابية لزعزعة استقرار المنطقة والدفع بها الى المجهول كما فعلت في اليمن .
ورغم كل هذه المخطار المحدقة بالمنطقة يظل المغرب البلد الأكثر استقرا وامنا بفضل حكمة صاحب الجلالة الذي ظل دائما ينهج سياسة اليد الممدودة ويسعى الى احياء اتحاد المغرب العربي اقتناعا منه ان عصر التكتلات الإقليمية الإقتصادية والسياسية هو السد المنيع ضد كل المخاطر والأزمات والضمانة القوية لتحقيق التنمية الشاملة لدول المنطقة.
مقال في الصميم،تصرفات الحكومة الموريتانية أتجاه القضية الوطنية للمغرب باتت واضحة فما على المسؤولين المغاربة إلا أن يفهموا ذلك ويضعوها أمام الأمر الواقع.🤔🦁🇲🇦